أطياف حائرة
مرحبا! نتمنى لك قضاء وقتا ممتعا معنا.. للاشتراك اضغط التسجيل..
اذا كنت مشتركا في المنتدى، اضغط دخول..
إذا أردت تصفح الأقسام إضغط إخفاء..
أطياف حائرة
مرحبا! نتمنى لك قضاء وقتا ممتعا معنا.. للاشتراك اضغط التسجيل..
اذا كنت مشتركا في المنتدى، اضغط دخول..
إذا أردت تصفح الأقسام إضغط إخفاء..
أطياف حائرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


مرحبا!! استمتع بوقتك..
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
خلال كل شهر سيتم احصاء عدد المساهمات لكل عضو و سيتم منح العضو صاحب الاكثر مساهمات وسام عضو الشهر فاحرص على زيادة مساهماتك

 

 صفحات سوداء في حياة مراهق

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عتب العشاق
نجم نشيط
نجم نشيط
عتب العشاق


عدد المساهمات : 172

صفحات سوداء في حياة مراهق Empty
مُساهمةموضوع: صفحات سوداء في حياة مراهق   صفحات سوداء في حياة مراهق Icon_minitimeالأربعاء فبراير 24, 2010 3:19 am

صفحات سوداء في حياة مراهق (قصة)





المراهقة سن الشتات والغضب......
سن يصبح الشخص غريباً في نظر عينيه والعالم من حوله غريب.....
عندما يبدأ الجسم بالنضوج وتبدأ علامات الطفولة تنسحب لتأخذ الرجولة مكانها تبدأ العقلية والنفس باللحاق بركب البلوغ......
ومن كان بالأمس ينظر إلى العالم بعيون ملئها البراءة أصبح الآن يدرك ما يجري من حوله بعقلية من يرى الحقيقة على ما هي عليه......
وعندما تسقط الأقنعة...... يظهر وجه الحقيقة البشع .....
..

أمسك مازن بيدي وليد من الخلف وقيدهما بشماغه......كان وليد آنذاك ممداً على وجهه في السيارة.....
قال وليد والذي كانت رائحة السكر تفوح منه: مازن وش تسوي؟؟
قال مازن: شي راح يعجبك......
وضع مازن ركبته على ظهر وليد ومن ثم سحبه من غرته....
قال وليد صارخاً: مازن!!!!
وضع مازن السكين على عنق وليد ونحره من الوريد إلى الوريد.....ثم قلب وجه وليد إليه حتى يراه ينازع الموت وحتى يكون آخر وجه يراه هو وجه الشخص الذي قتله منذ عشر سنوات......أخذ مازن يتلذذ وهو يسمع حشرجة الهواء في قصبه وليد المنحورة ويرى عينيه تتقلب وجسمه يتشنج تحته حتى ارتخى وفارق الحياة......عندها بصق مازن في وجهه ونزل من السيارة......
أخذ زجاجة البلاك ليبل التي أحضرها وليد معه بناء على طلبه ثم أفرغها داخل السيارة على الجثة الهامدة وحل وثاقها وأضرم فيها النار......
وقف مازن ابن السادسة عشر يراقب السيارة تحترق مخفيه آثار جريمته ثم طوى السكين التي استخدمها ووضعها في جيب بنطاله الأسود ومشى......
كانت المسافة بعيدة من مكان الجريمة إلى أقرب طريق ولكن ذلك لم يزعج مازن بل أكمل مشيه حتى وصل إلى أقرب محطة حيث رمى السكين في أحد الحاويات.....
كانت الساعة تشير إلى الثالثة فجراً عندما وصل مازن أخيراً إلى منزله حيث تسلل دون أن يشعر به أحد وخلع بنطاله وقميصه الأسود وحذائه ووضعهم في كيس ورماهم في القمامة......كان قد إختار اللون الأسود حتى لا تبان عليه آثار الدم ولكنه مع ذلك قرر أن يتخلص من أي شيء يربطه بمسرح الجريمة......بعدها أخذ حماماً بارداً كبرود أعصابه وأغتسل جيداً ثم ذهب إلى فراشة وكأن شيئاً لم يحدث......


لم ينم سوى ساعتين......واستيقظ في تمام السادسة على صوت المنبه....
كان مازن يتيم الأم والأب ويعيش مع عمه سعد وزوجة عمه فاطمة وجل ما يحلم به هو اليوم الذي يدخل فيه الجامعة حتى يخرج من هذا المنزل البائس......
كان عمه يمن عليه بكل شيء بالرغم من أن مازن يعلم تماماً بأنه قد استولى على ثروة أبيه وسرقها زوراً......كان عمر مازن سنتان عندما مات أبوه وأمه في حادث....وانتقل عمه وزوجته للعيش في منزل أهله الكبير والذي تبلغ مساحته الثلاث آلاف متر مربع......كان المنزل الداخلي مؤلفاً من ثلاث طوابق ناهيك عن الملاحق والملاعب......وكان مازن يقطن في ملحق في طرف المنزل.......
لم يكن مازن يكره زوجه عمه لأنه لا ذنب لها فهي امرأة مغلوب على أمرها وكانت تعامله كما لو كان ابنها حتى أنها كانت تعطيه بعض المال خلسة ومن وراء زوجها...... كان يكره عمه والذي فوق سرقته لمال أبيه كان يعامله بمنتهى الحقارة والخسة.....
لم تحظى فاطمة بأطفال والسبب هو عقم عمه والذي رفض أن يطلقها وحرمها نعمه الأبناء بل ولامها هي على العقم.....لذلك كانت ترى في مازن الابن الذي حرمت منه.....

خرج مازن من المنزل وذهب إلى المدرسة الحكومية التي يرتادها......كان يدرس في المرحلة الثانوية ولم يكن له أصدقاء.....فمازن كان يميل إلى الانطواء والعزلة.....وكل من بصفه يرونه على أنه الإنسان الغامض والقليل الكلام.....أما معلميه فكل ما رأوه فيه هو التلميذ الذكي......فقد كان ينال كامل الدرجات في كل مادة ومنذ كان في الابتدائي لم ينافسه أحد على المرتبة الأولى.....
أما عن صفاته الجسمانية:
كان مازن صبياً جميلاً وجذاباً......بعيون سوداء واسعة وفم صغير وأنف قائم وملامح حادة وبشره فاتحه وجسم طويل ذا لياقة عاليه......ففي كل ليلة عندما يعود إلى المنزل يقوم بلعب كرة السلة في ساحة المنزل وعندما يجلس في غرفته يقوم بتمارين ال Push ups حتى يصل إلى نقطة الإجهاد......فقد كانت القوة الجسدية هي هوسه وله أسبابه.....

بعد أسبوع أكتشف أحدهم السيارة المحروقة في مكان ناء وبلغ السلطات......كانت النار قد أخفت معالم الجريمة وعندما رأت الشرطة علبه الكحول مرمية بجانب نافذة السيارة عزت الأمر على أن القتيل كان سكراناً ويدخن وعندما أغمي عليه من السكر فسقطت سيجارته لتشعل النار في السيارة......لذلك أغٌلق الملف على أنه حادث.....وبٌلغ أهل وليد بما حدث.....لم يستغرب أهل وليد الأمر فهم يعلمون تماماً إلى أي حد كان ابنهم منحلاً.....وكانت مسألة وقت قبل أن يجلب الأذى على نفسه.....

مرت سنه وكان مازن وقتها في الصف الثالث ثانوي عندما سمع صوت جدال بين عمه وزوجته فاطمة......
خرج مازن من الملحق ودخل المنزل ليرى عمه يضرب زوجته فحال بينهما......
قال سعد لمازن: أنت مالك دخل بيني وبين مرتي.....
نظر مازن لعمه بعيون ملئها الشرر مما جعله يتراجع ويذهب إلى غرفته في الدور العلوي فآخر ما كان يريده هو أن يسحق مازن عظامه الباليه من الهشاشة.....
وضع مازن يديه على كتفي عمته فاطمة وقال: يمه وش سوا بك ها الخسيس؟؟
كان مازن ينادي فاطمة بيمه لأنها هي الشخص الوحيد الذي حن عليه في حياته.....وبعدما حرم من أمه كانت فاطمة هي الأم الذي كبر في حضنها....
قالت فاطمة وهي تبكي: لا تقول كذا عن عمك....
قال مازن: عمى الله عيونه مثل ما عمى قلبه......لا تبكين تراه ما يسوى ها الدموع......والله لا أبكيه مثل ما بكاك.....
تشبثت فاطمة بأكمام مازن عندما قام ليلحق بعمه وقالت: لا يا ولدي......تكفى أنا طالبتك.....
قال مازن بحره لفاطمة: يمه لي متى وانتي تحملينه؟؟
قالت فاطمة: هذي قسمتي يا ولدي......هذا اللي كاتبه الله لي ولازم أتحمل.....
قال مازن بقهر: هذا ظلم.....والله ما يرضى بالظلم.....
وضعت فاطمة يديها التي رسمت عليها فرشة الزمن خطوطها العميقة على وجهها وأجهشت بالبكاء.....
لم يتحمل مازن رؤيتها في تلك الحال وجلس بجانبها ليهون عليها.....
قالت فاطمة والأسى يملئها: أفنيت عمري وشبابي عليه وبا الأخير وش طلعت به؟؟ لا ضنا ولا حياة حلوه......خمس وثلاثين سنه وأنا أكرف تحت رجلينه ولا عمري فتحت أفمي بكلمة......خذاني من بيت أهلي من القريات وأنا عمري خمس طعش وجابن معه لتبوك......منعن من الدرس وحرمن من شوفه أهلي يما ماتت أمي وأنا ما شفته......تحملت فقره يوم ما كان حيلته إلا ورشة وساكنين ببيت شعبي ويوم اغتنى لا أنا شفت بهاه ولا عمر الريال مشى بيدي......ولا طلبت منه فلوس لأني أدري اللي يلعب بهن هن فلوس يتيم......وأبيك يا ولدي تحلن...
قاطعها مازن قائلاً: لا تقولين كذا ما فيه أم تستسمح من ولده......
ثم قبل رأسها ويديها.....
قال مازن: بس وش صار اليوم؟؟
تنهدت فاطمة بمرارة وقالت: قال إني صرت كبيرة وإني أنا اللي حارمته من العيال ويبي يتزوج.....وما أمداني أقول شي إلا قب علي وقعد يشتم ويضرب.....
قال مازن بتقزز: ها الشايب المخيس يبي يعرس؟؟!!!
قالت فاطمة: يا وليدي لا تقول كذا هذا عمك......
قال مازن مستغرباً: ومن اللي تبي توافق على واحدن مثله؟؟ عمره فوق الستين الله يقصف عمره......
قالت فاطمة: قال انه خطب وخلص.....وعرسه بالعطلة.....
قال مازن: ولا يهمك منه يمه......يمكن خذا وحده مثله.....وبعدين وش انتي فاقده.....
قالت فاطمة: أخاف يطلقن.....وبعدين وين أروح أنا؟؟ مالي أحد بها الدنيا.....
قال مازن مطمئناً فاطمة: وأنا وين رحت؟؟
قالت فاطمة: انت بلشان بعمرك يا وليدي وما أبي أحملك همي وأنت ما انت ناقص.....
قال مازن: تبي تندبر يمه.....تبي تندبر....

تخرج مازن بتفوق ودخل الجامعة في قسم الطب البشري في الرياض.....ثم انتقل إلى هناك واشترك في شقه مع مجموعة من الشباب......

كانت ريما جلسة مع أمها في الصالون النسائي وكانت الموظفات يعملن عليهن فالليلة سيقام زفافها على سعد......
قالت أم ريما لابنتها: مثل ما قلت لك أحكمية من أول يوم...
قالت ريما بضحكة خبيثة: لا توصين حريص.....أنا ماخذته عشان أيش؟؟ عشان شبابه وإلا جماله؟؟!!.....والله راح أنظفه لك تنظيف.....
قالت أمها: عشتي.....هذا اللي أبيه.....ولا تنسين تطلعين مرته......
قالت ريما: هذا أول شي راح أسويه....هذا اللي بقي.....أشارك ها العجوز بيتي.....
كانت ريما فتاة تبلغ الثامنة عشر من العمر من عائلة متوسطة الحال تطمح للغنى والمناصب.....تركت الدراسة منذ كانت في المتوسطة فكل ما كانت تريده هو الزواج من شخص غني وكفى......
أما عن شكلها فقد كانت قصيرة ومملوءة الجسم وبيضاء البشرة ذات شعر أسود متوسط الطول......كانت ملامح وجهها متوسطة الجمال بأنفها المسطح بعض الشيء وفمها الصغير وعيونها المتوسطة الحجم والتي كانت تشابه في شكلها عيون القطط......كما كانت تهتم بأناقتها وشكلها وتملك لساناً معسولاً ونوايا أنانية....

كان سعد قد أخرج زوجته من داخل المنزل وأسكنها في أحد الملاحق حالها كحال الخادمة في البيت حتى يفرغ المكان لعروسة الجديدة......
دقت الطبول وقدمت الولائم في قصر الأفراح حيث أقام سعد زواجه على ريما.....كان حفلاً ضخماً حضره الجميع......
جلست فاطمة في الملحق تعيد شريط حياتها في ذاكرتها......معاناتها وشبابها الذي ضاع وبماذا خرجت؟؟ حقيبة ملابس باليه وغرفه 3×4.....


عاد مازن بعد شهرين لزيارة فاطمة في إجازة.....
عندما طرق باب المنزل فتح له السائق الهندي وقال مرحباً: مستر مازن.....يا مرحبا....
ابتسم مازن حتى ظهرت الغمازة في خده الأيسر وقال: مرحبا حسن....
أخذ حسن حقيبة مازن إلى الملحق حيث وجد غرفته على ترتيبها وكانت رائحة العود تملئها......
لم يخبر فاطمة أنه قادم لأنه أراد أن يفاجئها.....ولكنها منذ سافر كانت تأتي إلى غرفته كل يوم لتبخرها.....
قال السائق حسن لمازن: مستر عنده ضيوف....
قال مازن: ايه شفت سيارات عند الباب....منهم الضيوف؟؟
قال السائق حسن: بابا حق مدام جديد.....
قال مازن: وأمي وين هي الحين؟؟
قال السائق حسن: ماما كبير في ملحق حريم....
صر مازن على أسنانه بغضب فلم تخبره فاطمة بأن سعد أسكنها في الملحق عندما كلمها آخر مره فلم ترد أن تشغل باله......
ذهب مازن فوراً وسلم على فاطمة.....
قالت مازن لفاطمة: ليه يا يمه ما قلتي لي عن حالك؟؟
قالت فاطمة: حالي بخير ولا تشيل هم يا ولدي.....أنا تعودت على عمك......والحمد لله على كل حال....انت طمني عليك.....
جلس مازن يحدث فاطمة عن حياته الجديدة وعن دراسته بعدها خرج إلى سيارته فقد نسي سجائره هناك وكان بحاجة لأن يدخن حتى يخفف من غضبه لأن فاطمة ترجته أن لا يتهور مع عمه ولم تدعه حتى حلف لها بأنه لن يفتح معه أي موضوع....
وهو واقف أمام سيارته في الخارج رأى الضيوف يغادرون المنزل وسقطت السيجارة من يده في صدمه.....فقد رأى عمه يصافح رجلاً ويناديه بالنسيب وأيقن مازن أن ذلك الرجل هو والد زوجة عمه الجديدة......

والد وليــــــد!!!!

عندما ذهبوا الضيوف دخل مازن المنزل ولم يتحدث مع عمه أو حتى يسلم عليه......جلس في غرفته يرتب أغراضه فقد كان مازن شخص يحب النظام والنظافة منذ الصغر.....

في الصالة جلس سعد مع زوجته الجديدة وقال لها: ريما لا تطلعين لقسم الرجال.....مازن هناك....يا بعدي انتي....
قالت ريما في قلبها طبعاً بعدك أجل تبي عقب ها العمر عمر!!!
قالت ريما: ومنهو مازن هذا يا قلبي؟؟
قال سعد: هذا ولد أخوي....
قالت ريما: وش جايبه هنا؟؟
قال سعد: رحمته وكفلته من عقب ما ماتوا أمه وأبوه لأنه ماله أحد غيري وسكنته بالملحق عندي.....
قالت ريما: والله قلبك أبيض يا عمري.....طيب وها المازن هذا وين كان أول؟؟ يعني هذي أول مره يجي هنا.....
قال سعد: ساكن بالرياض.....دخل الجامعة هناك ويدرس طب.....
بعدما انتهت ريما من الحديث مع زوجها ذهبت لتكلم أمها.....
قالت ريما: يمه أبو سعد عنده ولد أخو واليوم جا....
قالت أمها: مازن رجع؟؟
قالت ريما مستغربه: أشوف تعرفين اسمه!!
قالت أمها: ايه وأعرف أمه بشرى الله يرحمه.....كانت زميلتي بالدوام يوم كنا ندرس......وش جابه؟؟
قالت ريما: جاي باجازة على قوله سعد.....ويبي يقعد هنا فتره لأنه ماله أحد غير عمه.....سعد قالي انه كفله يوم كان يتيم وسكنه عنده لأن ما كان لمازن أحد بالدنيا غيره فرحمه.....
ضحكت أمها وقالت: وعساك صدقتيه!!!
قالت ريما مستغربه: وليه؟؟
قالت أمها: سعد زوجك كان ساكن أول ببيت شعبي يا الله من فضلك..... ويوم مات أخوه كوش على حلاله كله......
قالت ريما في ذهول: يعني ها البيت وها الفلوس لأبو مازن؟؟
قالت أمها: ايه...
قالت ريما بخوف: لااااااااا.....يعني كل شي يبي يروح؟؟
قالت أمها: وليه؟؟
قالت ريما: يعني ليه بعد!!! أكيد مازن راح يطالب بحلاله.....
قالت أمها: لا تخافين.....عمه زور كل شي وما عند مازن أي إثبات والا كان مبطي كشت عمه من البيت وقاله طريقك وطريق الكلب واحد.....
قالت ريما: بس ولو.....أنا لازم أخلي سعد يكتب كل شي باسمي ويطرد مازن من البيت.....ما أقدر أعيش بخوف.....لأن ها الشايب تعبان وأخاف يموت بأي لحظة وأنا ما خذيت منه شي.....وأخاف مازن يجي ويخلص على كل اللي بنيته.....
قالت أمها: هذي عاد شغتلك.....تصرفي.....

في تلك الليلة جلست ريما في غرفتها تتزين وتردي قميص نومها.....عندما دخل سعد عليها ورأى منظرها أخرج حبه زرقاء من جيبه وبلعها حتى من دون ماء......
اقترب منها سعد فابتسمت وقال: شوي بس.....
فك طقم أسنانه ووضعه في كوب ماء بجانب سريرة......فشعرت ريما بحرقه القيء في حلقها وبلعته بصمت ثم قالت في نفسها كله يهون بس أوصل للي أبيه......
جلست ريما على طرف السرير وهي تتأفف فقال سعد: وث فيه يا قلبي؟؟
(كان لا يستطيع نطق الشين فليس في فمه سوى لثته)
قالت ريما: أنا خايفه....
قال سعد: من وثو؟؟
قالت ريما: مالي ضمانه في الدنيا.....
قال سعد: وأنا؟؟
قالت ريما: أنت لك قلبي يا بعد قلبي.....بس أنا ودي أحس إني راعيه بيت......
قال سعد: والبيت هذا؟؟
قالت ريما: ماهو بيتي.....
قال سعد: إلا بيتك....
قالت ريما: بيتي بالكلام وبس.....إذا هو فعلاً بيتي ليش ماهو باسمي؟؟
قال سعد: اتركي عنك ها الكلام.....
قالت ريما بغضب: اترك عني ها الكلام؟؟!! يعني ماهو عاجبك كلامي؟؟!!!
قامت ريما من السرير لتخرج من الغرفة فمد سعد يده الناحلة والمكسوة بالجلد المتدلي وأمسكها وقال: خلاث....لك اللي تبينه بث ارجعي للفراث.....

وفي الغد نفذ سعد وعده لريما وكتب البيت باسمها وأحضر لها ورقة ثبت ملكيتها للمنزل.....فرحت ريما وشعرت بأنها أخيراً اقتربت من هدفها......فالمنزل ليس هو كل ما تريد.....كانت تريد كل شيء....فلم تتحمل سعد بكبر سنه وقذارته ونتانة رائحته من أجل المنزل فقط......


خرج سعد في المساء من المنزل ليذهب إلى الديوانية حيث يتباهى أمام أصحابه هناك بزواجه من فتاة شابه تجدد عمره......فعندما يكبر بعض الرجال ويرون القبر يقترب يحاولون الزواج من فتيات صغار حتى يمتصوا الحياة منهن.....
استغلت ريما فرصة غياب سعد وذهبت للملحق حيث كانت فاطمة جالسة تحضر الشاي والقهوة لها ولمازن والذي كان في قسم الرجال يلعب كره السلة......
دخلت ريما وقالت بكل وضاعة لفاطمة: هيه انتي....
قالت فاطمة: عيب يا بنتي تكلمين معي كذا أنا بحسبه أمك.....
قالت ريما بكل حقارة: تخسين تكونين أمي......اسمعي ضفي أغراضك ومن بكرا أبيك تطلعين من بيتي.....البيت هذا صار باسمي ومالك مكان فيه.....سمعتي!!!!
خرجت ريما من الملحق وصفعت الباب خلفها....

كان مازن يستحم عندما سمع صوت باب ملحقه يطرق بشده.....فخرج من دوره المياه ولف المنشفة حول وسطه......كان قد وصى السائق حسن أن يحضر له بعض السجائر من المحل واستغرب لماذا يطرق عليه الباب بهذا الشكل.....
فتح مازن الباب وتفاجأ عندما رأى امرأة متغطية بوشاح صلاة واقفة أمامه.....
كانت ريما قادمة لتعطي مازن نفس الخطاب الذي أعطته فاطمة من قبل ولكن الكلمات تسربت من عقلها عندما رأت مازن فهذه أول مره تراه فيها وصدمها ما رأت.....فعندما تزوجت سعد توقعت أن الدمامة متوارثة في العائلة ولكن شكل مازن محا كل ما تؤمن به عن الوراثة.....
قال مازن مستغرباً: نعم!!!
قالت ريما: أنا ريما.....مرت عمك وجيت أسلم.....
نظر مازن إليها فهذه أخت وليد الذي قتله قبل عامين.....قال مازن في نفسه وش اللي جابك علي.....
قال مازن بجفاف: واللي يجي يسلم يطق الباب بها الشكل؟؟
قالت ريما: آسفه....
أغلق مازن الباب في وجهها وذهب ليرتدي ملابسه......
عادت ريما إلى غرفتها وجلست في صمت.....كان كل ما يشغل تفكيرها هو صورة مازن بوجهه الذي ينضح جاذبية......و منظره وقطرات الماء تنحدر من شعره على جسمه المفتول الفتي......وهي غارقة في تخيلاتها دخل سعد الغرفة ووضع غترته وطاقيته على النشابة لتظهر صلعته المنقطة ببقع كبر بنيه وحولها بعض الخصلات البيضاء......
ثم خلع ثوبه ليظهر منظراً أشد وطأة من ذي قبل......فشكله بالملابس القطنية يذكرها بشكل الطير منزوع الريش بذراعيه وقدميه الهزيلتين وبطنه المتدلي......كما كان أشبه بالسلحفاة برقبته المتهدلة......
وفوق كل هذا لم يكن يؤمن بالنظافة الشخصية فقد كانت رائحته أشبه بمن خرج لتوه من قمامة.....فالغنى لم يغير من عاداته القديمة شيئاً.....ولم يكن من النوع الذي يشتري ملابس جديدة أو عطور أو عود أي شيء قد يحسن من منظره......لأنه من الأشخاص الذين يؤمنون بأن الزينة والنظافة للمرأة فقط حتى يخلقوا لقذارتهم عذراً.....
وتذكرت ريما شكل مازن وتمنت لو أن الأرض انشقت وبلعتها.....

عندما دخل مازن على فاطمة وجدها مهمومة فقال بلطف: وش اللي مشغل بالك يا ست الحبايب؟؟
قالت فاطمة وهي تحاول كبح الدموع: ولا شي يا ولدي.....
قال مازن: يمه....وش اللي صار؟؟ ها الخسيس متعرض لك؟؟
قالت فاطمة: لا يا ولدي....بس خلاص أنا مالي مقعاد بها البيت.....
قال مازن بحزم: يمه هذا بيتك.....وما فيه شي يقدر يطلعك منه.....وإذا ها الحيوان قالك شي أنا اللي أتصرف معه.....


جلست ريما في الصباح على الفطور مع سعد.....كان أكثر ما يقرفها فيه فوق منظره كانت الطريقة التي يأكل بها.....فقد كان يمضغ بصوت عال مع طقم الأسنان الذي يرتدي وكان يجب على ريما تحضير مأكولات لينه حتى يستطيع هضمها.....على الرغم من وجود خادمات في المنزل إلا أنه لا يأكل إلا من يدها من باب الدلع وتمنت لو أنها حملت الطاولة بما عليها وكسرتها على رأسه.....
قالت ريما لسعد: فاطمة يمكن تطلع من البيت.....
قال سعد: أحسن فكه.....خله تروح عند عيال أخوه بالحفر وش تسوي هنا.....وحتى تفكن من مازن مره وحده.....
قالت ريما: وليه وش دخل مازن به؟؟
قال سعد: هو ما يجي هنا إلا عشانه لأنه هي اللي ربته.....وإذا راحت يصير ماله سبب يجي عندنا.....وخلاص نفتك من شوفه وجهه هنا مره ثانيه.....
قالت ريما بارتباك: هاه...
قال سعد: وش فيه يا بعد عمري؟؟
قالت ريما: لا ولا شي يا قلبي كمل فطورك.....

ذهبت ريما على الفور إلى ملحق النساء حيث كانت فاطمة.....
قالت ريما لفاطمة: آسفه على اللي حصل البارح.....ما أدري وش اللي خلاني أقول اللي قلته وأبيك تنسين اللي حصل وتجلسين هنا....
قالت فاطمة: والله يا بنتي ما ودي أضيق على أحد......
قالت ريما من وراء قلبها: لا انتي مضيقه ولا شي.....
قالت فاطمة بطيبه قلب: اجلسي يا بنتي تقهوي معي...
جلست ريما فقد كانت تريد كسب فاطمة بأي شكل.....
طرق مازن باب الملحق ودخل كعادته حتى يفطر مع فاطمة ليجد ريما جالسه معها.....
كانت هذه أول مره يرى فيها وجهها ولكنه عرف من تكون على الفور من عيونها والتي كانت نسخه عن عيون أخيها وليد......

أدار مازن ظهره على الفور وخرج.....
ثم أخذ سيارته وأخذ يجوب المدينة حتى يصفي ذهنه......فرؤيته لريما أعادت إليه ذكريات كان يحاول دفنها منذ زمن.....لم يندم ولو للحظة على قتله لوليد ولكنه يريد المضي في حياته بعيداً عن كل ذكرى تربطه بالماضي......
ولم يعد إلى المنزل سوى في المساء.....
وعندما سمعت ريما صوت سيارته طلت من نافذتها والتي كانت تفتح على قسم الرجال لتراقب مازن وهو يمشي إلى الملحق......
التفت مازن حالما سمع صوت النافذة تفتح ليرى ريما واقفة تحدق فيه من نافذتها.....كانت ترتدي قميص نوم أسود فاضح ولم تتحرك من مكانها عندما التفت مازن إليها بل وقفت تبتسم له.....
أدار مازن ظهره لها ودخل غرفته.....
وفي الغد جلس يفطر مع عمته فاطمة والتي لم تتوقف عن الحديث عن ريما وطيبه ريما......رأى مازن في عمته البراءة والطيبة التي قادت الكثير من الناس لاستغلالها.....كان يعلم تماماً لماذا بدأت ريما تعامل فاطمة بهذا الشكل فهو على معرفة تامة بنوع العائلة التي تنتمي لها.....
قالت فاطمة: وقالت لي إنها فرحانه بقعدتي ببيتها....
قال مازن مستغرباً: بيتها؟؟!!
تنهدت فاطمة وقالت: ايه...تقول سعد كتب البيت باسمه.....بس الحمد لله طلعت طيبه والا كان أمداه رحلتن......
قال مازن: كل ها السرع خلته يكتب البيت باسمه.....والله ما هي بسيطة........
قال مازن في نفسه.... بس على من؟؟!!....


في المساء جلس مازن يدخن في باحة المنزل أمام الملحق عندما رأى ريما قادمة في اتجاهه مرتديه تنوره جينز قصيرة وقميص قطني وردي.....
قال مازن دون أن ينظر إليها: أشوفك تركتي الغطوة....
قالت ريما: فاطمة ما تتغطى عنك.....
قال مازن: لأنه أمي.....
قالت ريما: اللي أعرفه انه مرت عمك زيي زيه....
قال مازن: انتي لا يمكن تكونين زيه....
قالت ريما: طبعاً.....لأني صغيرة وحلوه....
قال مازن: صغيرة يمكن.....بس حلوة ما اعتقد....
وقفت ريما غاضبه وقالت: أنا مو حلوة؟؟ ليه مو ماليه عينك؟؟
نظر مازن إليها من رأسها حتى قدميها وقال: حاولي تخففين وزنك شوي ويمكن أعيد النظر.....
جن جنون ريما وعادت إلى داخل المنزل وهي تستشيط غضباً.......



يتبع....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://a6yaf.hooxs.com
عتب العشاق
نجم نشيط
نجم نشيط
عتب العشاق


عدد المساهمات : 172

صفحات سوداء في حياة مراهق Empty
مُساهمةموضوع: رد: صفحات سوداء في حياة مراهق   صفحات سوداء في حياة مراهق Icon_minitimeالأربعاء فبراير 24, 2010 3:31 am

وفي الصباح جلست تفطر مع سعد....
قال سعد وفمه مملوء بالطعام: وش بلاك ما تفطرين.... يا بعد قلبي؟؟
قالت ريما في نفسها حلو من فطرك سم عشان أخلص من قرفك....
قالت ريما لسعد: مسويه دايت....
قال سعد: وشو هذا؟؟
قالت ريما: يعني ريجيم.....حميه....قاعدة أحاول أنحف.....
قال سعد: لا يا بعد عمري......ما أبيك تنحفين......أغلي اللحم على المرة.....
قالت ريما في نفسها بتقزز الله يقرفك.....
قالت ريما: بس أنا أبي أنحف عشان يطلع شكلي أحلا....
قال سعد: بس أنا معجبن شكلك ها اللون......
قالت ريما في نفسها ومن قالك إني قاعدة أحاول إعجبك يا الشايب المخنز....بعد لو وجه يبدي راي....
أجهدت ريما نفسها طوال الأسبوع في الحمية والرياضة حتى خسرت قرابة الخمسة كيلوغرامات.....وانتظرت حتى يخرج سعد كعادته إلى الديوانية حتى تقابل مازن......
كان مازن يمارس رياضته المعتادة وهي كره السلة عندما رأى ريما قادمة.....
وقفت ريما أمامه وقالت: هاه وش رايك؟؟
وقف مازن ونظر إليها باستغراب وقال: رايي بايش؟؟
قالت ريما: رايك بشكلي الحين؟؟ ما لاحظت إني نحفت؟؟
ضحك مازن عندما تذكر ما حدث في الأسبوع الماضي وفهم مقصدها وقال: انتي من جدك يعني؟؟
قالت ريما بغضب: ليش تضحك ما قلت لي لازم انحف؟؟!!
نظر مازن إليها وعرف إلى أي قدر هي ساذجة.....
صمت وأخذ يزن الأمور في عقله......فهذه الساذجة قد تكون هي وسيلته لاسترجاع أملاك أبيه التي سرقها عمه.....لذلك قرر أن يستغل الفرصة...... فهذه الفتاة ليست بنصف الذكاء التي تظن أنها تملكه......
قال مازن: لا تزعلين بس كنت أمزح معك....
قالت ريما: لا ماني زعلانه بس ما قلت لي رايك.....
قال مازن: رايي لا باس......
قالت ريما بغضب: لا باس!!!!!
قال مازن: وش تبيني أقول يعني؟؟
قالت ريما: قول إني حلوه.....قول اني جميلة.....بس لا باس هذي وين أصرفها؟؟
قال مازن: ريما انتي وش تبين بالضبط؟؟
قالت ريما: ودي نكون أصحاب....عندك مانع....
قال مازن مبتسماً: لا ما عندي....
عندما رأته ريما يبتسم فرحت وظنت أنها قد نالت إعجابه أخيراً....

كانت ريما فتاة مغرورة وتظن أنها بارعة الحسن والجمال وبإمكانها سلب عقل أي رجل......ولكن هذا يظل ظنها.....فهي قليلة خبره في الحياة.....وعندما جعلت سعد يكتب البيت باسمها اعتقدت أن بإمكانها جعل أي رجل يلبي طلباتها وهذا الغرور جعلها تتعدى حدودها لتدخل في حدود مازن حيث لا يسيطر على اللعب سواه....
تركها مازن تعتقد بأنها قد أوقعت به في شباكها فلم يكن يسعى ورائها بل تركها تأتي إليه من طوعها معتقده أنها المسيطرة ولكن في الحقيقة كانت تنفذ ما يريده بالضبط......

كانت ريما تستغل كل لحظة يغيب فيها سعد لتلاقي مازن والذي كلما دفعها أقوى كلما ازداد ارتدادها إليه......كانت تسعى لإرضائه بأي طريقة وبأي ثمن......
كان أحياناً يسمعها كلمات تسلب عقلها ويقطعها وهي في قمة هيامها حتى تعود لتطلب المزيد.....وكانت تلك حيلته ليبقيها تحت سيطرته.....
في أحد الأيام جلست تشكي له عن حياتها مع سعد وكيف أنها ليست سعيدة وأنها تمقته.....
قال مازن لريما: طيب ليه تزوجتيه؟؟
قالت ريما: أهلي غصبوني....
كان مازن يعلم بأن هذه كانت كذبه فهو ليس بالرجل المغفل ويبدوا أن ريما اعتادت على استغفال زوجها وظنت أن كل الرجال بهذا الغباء.....
قال مازن: أنا أشوف انك خسارة عليه.....
قالت ريما: حتى أنا أفكر كذا....
قال مازن: هو شايب وانتي شابه وهو كريه وانتي حلوة......المفروض يعوضك..... قالت ريما بحماس: حتى أنا أقول كذا.....عشان كذا خليته يكتب البيت باسمي......
قال مازن: ما يكفي....انتي لازم تخلينه يكتب كل شي باسمك......
قالت ريما: ايه.....بس أنا ما أعرف هو وش كثر يملك بالضبط.....
قال مازن: ولا يهمك.....أنا أدبره لك.....بس انتي جيبي لي مفتاح المكتب والتجوري وأنا أضبط لك الأمور.....
قالت ريما: يعني تبي تساعدني.....
قال مازن: طبعاً لازم أساعدك.....انتي ضحيه يا ريما.....وما أقدر أشوفك تتعذبين واسكت.....
قالت ريما: يا قلبي يا مازن.....صحيح تهتم فيني؟؟
ابتسم مازن وقال: وهذا سؤال؟؟!!

نفذت ريما ما طلبه مازن وسرقت المفاتيح......
دخل مازن المكتب وفتح الصندوق التجوري ووجد أوراق المبايعة التي زورها عمه بعد وفاة أبيه وقرر أن يشربه من نفس الكأس.....بعدما نسخ مازن الأوراق أعاد كل شيء مكانه وجلس في غرفته يحصي جميع الأملاك والأموال التي سرقها عمه منه.....
قال مازن في نفسه والله لا أخليك ترجع حافي......
بما أن ريما هي وسيلته الوحيدة للوصول إلى عمه قرر أن يرسم خطه بحيث تقنعه أن يكتب كل شيء باسمها.....كان مازن ذكياً وأهم من ذلك صبوراً.....لذلك قرر أن يتروى حتى يدع فريسته تسقط في المصيدة والفريسة كانت عمه وريما معاً....
كان يعلم تماماً بأن عمه رجل قد أتى الخرف على عقله ووجد زوجة صغيرة يتسلى بها في آخر عمره......وكان يعلم بأن ريما فتاة تطمع بالغنى السريع وستفعل أي شيء لتحصل على المال......
وقرر استغلالهما جميعاً........فقد سٌرق حقه بالحيلة وبالحيلة سيسترده.....
كانت ريما تطبق حرفياً ما يطلبه مازن منها.....فتذهب لتحتال على زوجها حتى يكتب لها الممتلكات باسمها...
بالرغم من كره مازن لريما إلى أنه قرر أن يتحملها حتى يصل إلى غايته......تماماً كما فعل مع أخيها في السابق.....في كل مره يرى فيها عينيها يتذكر وليد ويحاول قدر الإمكان أن لا يطبق على عنقها......
انتظر مازن حتى كتب سعد كل الأملاك باسم ريما......
ودخلت ريما في أحد الأيام على مازن في غرفته وقالت: خليته يكتب كل شي باسمي....
قال مازن: وين الأوراق اللي تثبت؟؟
قالت ريما: معي....
قال مازن: وش تنتظرين جيبيهن؟؟
أحضرت ريما الأوراق وعندما تفحصها قال: ضحك عليك الشايب....
قالت ريما بغضب: وشو؟؟!!
قال مازن: ها الأوراق ماهي موثقه.....بس لا تخافين أنا أحله لك.....
قالت ريما بخوف: وشلون؟؟
قال مازن: بكرا راح أقولك وشلون....
لم يكن مازن مضطراً للانتظار للغد فقد كان قد حضر الأوراق منذ زمن ولكنه لم يكن يريد أن يشعر ريما بأنه قد رتب لكل شيء.....
لقد كانت الأوراق التي مع ريما من ضمنها صك ملكيه المنزل موثقه وقانونية ولكن مازن أراد أن يزرع في قلبها الشك حتى لا تثق بسعد وتتكل عليه بكل شيء وهذا ما حصل ففي الغد أحضر مازن أوراق مبايعه وانتظر حتى أتى سعد إلى المنزل......
كانت ريما في الممر عندما همس لها مازن: ريما.....
جرت إليه ريما بخوف وقالت: وش تسوي؟؟ سعد هنا.....
قال مازن: ما أقدر انتظر لازم تبصمين على الأوراق عشان أطلع الحين للمحكمة......زوجك له أخويا هناك ولو علموه قبل لا نصدق الأوراق كل شي يبي يضيع....ماعندنا وقت بسرعة.....
قامت ريما وبصمت على الأوراق دون حتى أن تقرئها فقد كانت خائفة من أن يراها زوجها مع مازن......
كان مازن قد وضع أوراق وهميه مليئة بالمصطلحات القانونية المعقدة في الصفحات الأولى والأخيرة وفي المنتصف وضع ورقة واحده تقر بأن ريما قد باعت جميع ممتلكاتها لمازن......
وبهذا تمكن مازن من استعادة حقه.....
صحيح أنه لجأ إلى طرق ملتوية للحصول على ما هو له......ولكن ما نفع الاستقامة في مثل هذه الأمور......



كان مازن جالساً في غرفته يخطط لما سيفعله بعد هذا عندما سمع الباب يطرق....
فتح باب ملحقه ليجد ريما واقفة أمامه.....
قالت ريما: فيه شي لازم أكلمك فيه....
قال مازن بجفاف: خير....
استغربت ريما من تغير معاملته لها ولكنها على الرغم من ذلك دخلت الغرفة وجلست على طرف السرير.....
قالت ريما: مازن ما قلت إنك تحبني وتبينا نمضي العمر مع بعض.....وأنا أبي أطلب الطلاق من سعد عشان نكون مع بعض مثل ما وعدتني.....
قال مازن : توكلي على الله واطلعي من الغرفة......يا الله....
قالت ريما: لا تتكلم معي بها الطريقة.....وإلا نسيت إن البيت بيتي وأقدر أطلعك منه....
قال مازن باستحقار: نعم يا قلبي.....قلتي بيتك؟؟!! ومن وين إنشاء الله جبتيه؟؟ من كدك وإلا ورثتيه عن أهلك......
قالت ريما: سعد كتبه باسمي.....
قال مازن: وانتي بعتيه علي.....
قالت ريما: من يقول؟؟!!
قال مازن: الأوراق تقوله.....وتقول بعد إن كل شيء رجع لصاحبه اللي هو أنا....روحي بلغي زوجك بها الشي وبالمره دورو لكم مكان ثاني تعيشون فيه.....

قالت فاطمة لمازن: ليه يا ولدي طردت عمك؟؟
قال مازن: سويت اللي كان لازم أسويه من زمان يا يمه...... هذا حقي وحق أهلي....
قالت فاطمة: بس يا ولدي...
قال مازن مقاطعاً: يكفي اللي سواه بحقي وحقك....ليا متى تبيني أصبر على الإهانات.....أنا ماني زيك يا يمه أصبر وأسامح.....وخلينا من سيرة عمي وشيلي أغراضك من الملحق وارجعي للبيت......من اليوم ورايح هذا البيت بيتك.....
قالت فاطمة: وعمك وين راح؟؟
قال مازن: رجع للبيت الشعبي......وأنا بكرا أبي أرجع للرياض......

سافر مازن للرياض ليعود لدوامه وفي أحد الأيام ورده اتصال من فاطمة تخبره بأن عمه سعد قد توفي لوحده في منزله ولم يعلم بموته أحد حتى أشتكى الجيران من الرائحة......تحجج مازن بدوامة حتى لا يحضر جنازة عمه......فلم يحبه وهو حي ولماذا سيظهر الحب وهو ميت.......

مرت سنوات تخرج فيها مازن من الجامعة واشترى له شقه في الرياض مؤلفه من صالة مفتوحة على المطبخ وغرفه واسعة بحمام خاص.....كانت شقه عصرية وواسعة تناسب حياة مازن.....كان بإمكانه شراء منزل ولكنه أراد مكاناً قريباً من مقر عمله.....


في أحد الأيام كان يعمل في الطوارئ عندما دخلت فتاة أحضرها أهلها لأنها حاولت الانتحار.....
كانت قد شربت قنينة كيروسين وأخذوها فوراً حتى يجروا لها غسيل معده......
عندما عاينها مازن وقراء ملفها وجد أن هذه لم تكن المرة الأولى التي تحاول فيها أمل الانتحار......قرروا إحالتها إلى الصحة النفسية حيث كانت نزيلة هناك لعده مرات.....
قال مازن لأمل: ليه حاولتي تنتحرين؟؟
كانت أمل جالسه على السرير وقالت بلا مبالاة: وأنت وش يخصك؟؟ هذي حياتي وإلا حياتك؟؟
قال مازن: أمل.....أنا أسألك لأني أحاول أساعدك.....
نظرت أمل إليه وقالت بمرارة: تساعدني!!! وليش؟؟
قال مازن: لأن هذي مسئوليتي....
قالت أمل بحنق وألم: وتبيني أصدق إنك راح تساعدني!!!....أنت تدري إني جيت هنا أكثر من مره وكل مره أسمع نفس الكلام من الأطباء.....حنا هنا عشان نساعدك.....وبعدين يرموني بالصحة النفسية.....وفر على نفسك الكلام وحولني من غير تكلف....
قال مازن: وليش يودونك للنفسية؟؟
قالت أمل باستهزاء: مرات يقولون عندي psychosis ومرات personality disorder ومرات depression.....
قال مازن: ما شاء الله باين عليك متعلمة.....
قالت أمل بخيبة : تعلمت من الروحة للنفسية.....خوش والله تعليم.....
قال مازن: بس ما قلتي لي ليش تحاولين تنتحرين؟؟ انتي لساك صغيرة والحياة قدامك....
قالت أمل مقاطعة بغضب: أي حياة هذي.....طالع بشكلي وقلي وش الحياة اللي تشوفه بي!!!
نظر مازن إلى منظرها......كانت ملابسها قديمة ومهترئه وشعرها طويل ولم يمشط منذ وقت وواضح على وجهها نقص التغذية والإجهاد بعيونها الغائرة ولونها الأصفر....
قال مازن بجديه: أمل أنا أقدر أساعدك.....
نظرت إليه أمل وعندما لمحت الصدق في عينيه قالت: توعدني راح تساعدني......
قال مازن: أوعدك...
صمتت أمل قليلاً ثم قالت: لا تنسى انك وعدت....
قال مازن: وأنا راح أبقى عند وعدي.....بس انتي ارتاحي ومتى ما حسيتي نفسك مستعدة تتكلمين معي عن مشكلتك راح أكون موجود....
بقيت أمل في المستشفى لعده أيام وكان مازن يأتي لمعاينتها كل يوم منتظراً أن تخبره عن مشكلتها......
وفي أحد الأيام كان مازن يقود سيارته عائداً من الدوام إلى شقته وعندما توقف في كراج العمارة وأطفئ السيارة خرجت أمل من مخبئها بين المقاعد الأمامية والخلفية.....
تفاجأ مازن والتفت إليها وقال: وش اللي قاعد يصير؟؟
قالت أمل: ما وعدت تبي تساعدني!!!

في الشقة جلس مازن يتحدث مع أمل.....
قال مازن: لازم أرجعك للمستشفى....
قالت أمل: لو وديتن راح أقتل نفسي...
قال مازن: يعني وش تبيني أسوي؟؟
قالت أمل: ساعدني مثل ما وعدتن....
قال مازن: كيف؟؟
قالت أمل: خلني أعيش عندك....
قال مازن: ما يصير.....
قالت أمل: وليش لا؟؟
قال مازن: لك أهل وأنا عزابي هنا.....
قالت أمل بغضب: أهل!!!! أنا مالي أهل.....
قال مازن: واللي جابوك للمستشفى من يكونون؟؟

أخبرته أمل أن أبوها قد طلق أمها وتزوج بعشيقته المغربية ولم تره بعدها .....ومن ثم عادت أمها لتعيش مع أخوتها في القرية والتي تبعد قرابة المائة كيلو عن الرياض.....والذين أحضروها للمستشفى هم أمها وخالها عبد الله.....

حاول مازن بكل طريقة أن يعيدها للمستشفى ولكنها رفضت وخشي أن تؤذي نفسها إن هو ضغط عليها أكثر من ذلك.....
لذلك تركها في حالها.....
خرج من الشقة ليحضر بعض الغداء لهما وعندما عاد وجدها نائمة على الكنب في الصالة.....كانت ملتمه على نفسها من البرد فدخل غرفته ليحضر بطانية يغطيها بها.....وحالما وضع البطانية عليها صرخت فيه.....تراجع مازن إلى الخلف مصدوماً وقال: أمل.....هذا أنا.....بس جيت أغطيك....
لمت أمل البطانية على نفسها وهي ترتعد من الانفعال.....
قال مازن: مادام انك صحيتي تعالي تغدي معي....
قالت أمل: ما أبي شي....
قال مازن: أمل من يوم كنتي بالمستشفى وانتي ما تاكلين......
قالت أمل ابنه الثالثة والعشرين: قلت لك ما أبي شي.....
وجد مازن أنه لا فائدة من الجدال معها فهي لن تفعل أي شيء يطلبه منها لذلك تركها على راحتها......
قال مازن: إذا تبين تنامين نامي بغرفتي أنا راح أنام بالصالة.....
قالت أمل: غرفتك له مفتاح؟؟
قال مازن: ايه...
ذهبت أمل إلى الغرفة وأقفلت على نفسها هناك......
جلس مازن لوحده يفكر بالمصيبة التي وقعت بين يديه.....كيف سيتصرف مع هذه الفتاة التي ظهرت فجأة في حياته.....لقد أمضى السنوات التي انقضت في سكينه وهدوء....كان يمارس فيها روتينه اليومي في العمل وعندما يعود إلى المنزل ينكب على الكتب أو يذهب للنادي أو المقهى والآن عليه أن يتعامل مع وضع يخشى أنه أكبر من أن يحتويه.....


خرج مازن من الشقة وجلس في أحد المقاهي في أمل عندما يعود يجدها قد رحلت.....ولكن عندما عاد في المساء وجدها جالسة في الصالة أمام شاشة التلفاز وفي يدها سيجارة أخذتها من على الطاولة.....كان شعرها رطباً ومرفوعاً وكانت ترتدي ملابسه.....
قال مازن: انتي هنا؟؟
قالت أمل: كنت تتمنى ترجع وما تلقاني!!!.....صدقني لو كان فيه مكان أروح له كان رحت من زمان.....
قال مازن وهو يشعر بالذنب: ما قصدي.....بس أنا خايف انه...
قالت أمل مقاطعة: لا تخاف....ما راح أحد يدري بوجودي هنا.....أصلاً ما حد يهتم يدور علي......
كان مازن قد أحضر معه بيتزا وكولا ووضعهن على طاولة القهوة أمام أمل......
جلس مازن على الكنب المجاور ونظر إلى أمل....
قال مازن: أنا إلا الحين ما عرفت مشكلتك عشان أساعدك.....
قالت أمل: وشلون تقدر تساعدني إذا أنا ماني قادرة أساعد نفسي.....أو عشان انك رجل تعتقد إنك تقدر تساعد مره محتاجه......
قال مازن: وليش لا؟؟
قالت أمل: دكتور مازن.....ريح بالك ما راح أطول هنا......
قامت أمل ودخلت الغرفة فقال مازن: على الأقل تعشي قبل لا تنامين.....
قالت أمل: تصبح على خير....وما عليه على الملابس والسقاير......

أطفئ مازن الأنوار واستلقى على الكنب حتى ينام عندما سمع صوت بكاء أمل في الغرفة......كان الألم والغضب يملئ عبراتها......شيء في بكائها أعاد ذاكرته إلى عشرين سنه مضت.....فقام مازن وطرق عليها باب الغرفة......
قالت أمل والدموع تخنق صوتها: خلني بحالي.....
قال مازن: أمل افتحي الباب.....
صمتت أمل ولم ترد.....عندها شعر مازن بالخوف وضرب الباب بقدمه فخلع القفل ودخل الغرفة ليجد أمل واقفة على حافة الشرفة.....
صرخ مازن: أمل!!!
قالت أمل: خلني أرتاح....
قال مازن: أمل أين كان اللي حصل لك تراه ما يستاهل تقتلين نفسك عشانه....
قالت أمل بمرارة: نفسي!! هو بقا من نفسي شي....
قال مازن: كل شي ممكن يتصلح...
قالت أمل: لا تكذب علي.....انت ما انت فاهم...
قال مازن: طيب فهميني.....
كان مازن يقترب منها بهدوء ويحاول أن يماطلها قدر المستطاع حتى يصل إليها.....
قالت أمل بصوت خافت يائس: ما أقدر....ما أقدر.....
أرخت أمل قبضتها على حافة النافذة وأغمضت عينيها حتى تدع جسمها يهوي ولكن مازن كان أسرع منها وطوق ذراعه حول خصرها وسحبها من النافذة ورماها على الأرض......
قال مازن بغضب: انتي انجنيتي!!!
وضعت أمل يديها على صدغيها وأخذت تبكي بحرقه.....رحمها مازن فجلس أمامها على الأرض يحاول تهدئتها.....
قال مازن: أمل أنا وعدتك أساعدك....بس انتي اللي ما تبين أحد يساعدك.....
قالت أمل: صعب....صعب.....
قال مازن: وشو اللي صعب؟؟
قالت أمل: صعب أعيش مع نفسي.....ما ني قادرة.....
قال مازن: انتي اهدي بس.....
قالت أمل والدموع تقتلها: مازن أنا تعبانه.....
إلتمت أمل على نفسها وأخذت تبكي فقام مازن ولف البطانية حولها وسهر بجانبها طوال الليل إلى أن غفت على الأرض بجانبه......


في الصباح صحا مازن ولم يجد أمل في الغرفة ففزع ولكنه ارتاح عندما رآها في المطبخ تعد بعض القهوة.....
قال مازن: صباح الخير....
قالت أمل: صباح النور.... شفتك نايم وما حبيت أزعجك.......
نظر مازن إلى الساعة فوجدها تشير إلى السابعة صباحاً.....اتصل على أحد زملائه في الدوام وطلب منه أن يأخذ مكانه.....تلك كانت أول مره يتغيب فيها مازن عن العمل.....دخل ليستحم وعندما خرج جلس يتناول القهوة مع أمل.....
قالت أمل: آسفة على كل البهذله.....
ثم قالت هامسة لنفسها: I'm such a mess.....
قال مازن: لا تعتذرين مني.....أنا اللي المفروض أعتذر....تركتك وانتي بها الحاله....
قالت أمل: ما انت ملزم بي....
قال مازن: أنا ملزم بالوعد اللي عطيتك إياه....
قالت أمل: يعني لساك متمسك بوعدك؟؟!!
قال مازن: و أكثر من أول...
قالت أمل: أبيك تدور على أبوي....
قال مازن: وين؟؟
قالت أمل: كل اللي أقدر أعطيك إياه هو اسمه.....ما ترك لنا لا عنوان ولا رقم.....
قال مازن: طيب أمك يمكن تعرف....
قالت أمل: ما أبي لا أمي ولا أحد يدري إني هنا.....ما أبي أرجع لنفس المكان اللي طلعت منه.....
قال مازن: باين من كلامك إنك تحاولين تهربين منهم.....
ضحكت أمل وقالت بتهكم: توك تكتشف ها الشي!!
ثم اعتذرت عن كلامها وقالت: آسفه.....هذي كانت وقاحة مني....
استغرب مازن من أمل وطريقة كلامها.....فلا يبدوا عليها أنها فتاة قد ربت بالقرى.....بل هي امرأة راقيه ومثقفه.....ولكن كيف انتهى بها المطاف إلى غرفة الطوارئ في تلك الحالة المزرية....
قال مازن: عادي خوذي راحتك.....
قالت أمل: قاعدة بشقتك ولابسه ملابسك ومو ماخذه راحتي.....
ضحك مازن وقال: البيت بيتك.....وأنا أوعدك إني راح أدور على أبوك....

اكتشف مازن أن البحث عن رجل لا يعرف له رقماً ولا عنواناً ليس بالأمر السهل وسيتطلب منه وقتاً أطول مما توقع.....
مرت أيام بقيت فيها أمل في شقه مازن.....لم تحاول الانتحار مجدداً وهذا أمر أراح بال مازن.....كما لاحظ أنها اهدأ من السابق وأكثر حيوية ولكن كان هناك شيء مكسور في نظرتها.....أخذها مازن معه إلى الأسواق حتى يغير من مزاجها بعض الشيء.....
خرجت أمل على مضض وأخذت تمشي معه في أحد المولات.....
دخل بها مازن في أحد محلات الملابس النسائية.....
قالت أمل: وش نسوي هنا؟؟
قال مازن: ماهي معقوله تبين تقعدين تلبسين ملابسي.....
قالت أمل: مازن....ماله داعي تسوي معي كل هذا....يكفي اللي مقعدني عندك....
قال مازن: لا تقولين كذا.....
أصر مازن أن يشتري لها ملابس وأعطاها بعض المال كي تشتري بعض الأشياء الخاصة.....كانت أمل بالفعل في حاجة لبعض الأشياء الخاصة واستحت من أن تأخذ المال من شخص غريب.....ووعدت مازن بأنها سترد له الدين.....
قال مازن: أي دين بس....لا تزعليني منك.....
قالت أمل: والله ما أنت ملزم بي.....أصلاً ما أدري وش اللي خلاني أركب سيارتك من الأساس.....بس لأني حسيت إنك كنت صادق معي بالمستشفى شفت فيك أخر حبل خلاص أتعلق به....
كانوا وقتها جالسين في مقهى ستار بكس يتحدثون.....
قال مازن: خلاص من ايش؟؟
صمتت أمل قليلاً ثم قالت: مازن أنا ما أبيك تظن ولا لحظة إني إنسانه ما عندي كرامة ولا لنفسي قيمه عندي.....بس قالو وش اللي حدك على المر قلت اللي أمر منه.....
قال مازن: أمل انتي إلا الحين ما قلتي لي وش اللي هاربه منه......
قالت أمل: ما أقدر أقولك....
قال مازن بيأس: مثل ما تبين....
عندما عادوا إلى الشقة دخلت أمل الغرفة ووضعت الأكياس على السرير وأخذت ترتبها بينما جلس مازن في الصالة يتصفح بعضاً من المقالات العلمية التي حفظها على الاب توب.......كانت تحوي بحوثاً عن بعض الأمراض النفسية وتشخيصها....
ترك مازن الاب توب وذهب إلى المطبخ كي يحضر بعض الشاي عندما خرجت أمل من الغرفة مرتديه بنطال من الجينز وتي شيرت أبيض اشترتهم مع مازن.....
وقف مازن ينظر إليها.....كانت تمتلك قواماً رائعاً.....لم يلاحظها مازن من قبل لأنها كانت في حاله يرثى لها وكانت ترتدي ملابسه والتي كانت واسعة عليها.....


لأول مره يراها مازن على ماهي عليه.....ليست الفتاة التي دخلت غرفة الطوارئ بمنظر بالي.....بل امرأة طويلة القامة بشعر أسود طويل ناعم وكانت ترفعه تاركة بعض الخصلات تتدلى حول وجهها والذي كان يشع نضاره على عكس أول مره رآها فيها حيث كان وجهها أصفر بهالات سوداء حول عينيها.....أما الآن فقد برز جمال تلك العيون السوداء الواسعة ذات النظرة الناعسة.....ودهش مازن إلى أي مدى برز تأثير الراحة عليها......وقفت أمل وتسمرت عينيها في البحث المفتوح على الاب توب.....لم يعر مازن الأمر أي إهتمام فقد كان واثقاً من أنها لن تفهمه فقد كان البحث باللغة الانجليزية ولكن دهش عندما رأى أمل تجلس أمام الاب توب وبدا عليها أنها كانت تقرأ ما كان مكتوباً.....

اقترب مازن وجلس على الكنب.....أخذت أمل الاب توب وناولته إياه في صمت....
قالت أمل: مازن أنا أقدر إنك قاعد تحاول تساعدني.....But I'm not delirious if that what you think I am.....
فتح مازن فمه ولم تخرج منه كلمات فلا يوجد هناك ما يرد به......
قالت أمل: أنا أتفهم موقفك.....لأني كنت راح أعتقد نفسي الشي لو قابلت شخص مثل حالتي.....
قال مازن: وشلون عرفتي؟؟ أمل أنا ماني فاهم....
قالت أمل: قصدك من وين تعلمت؟؟ مازن أنا كنت research scientist بمركز Sanger البريطاني.....أدري صعب عليك تصدق بس هات أوريك......
أخذت أمل الاب توب وفتحت صفحتها الخاصة حيث أعمالها ولقطات من المؤتمرات التي حضرتها برفقه الطاقم الذي تعمل معه.....وكل الأبحاث التي ساهمت فيها وجلس مازن يقرأ بذهول......كما وجد أن آخر مره حدثت فيها الصفحة كانت قبل سنه.....فما الذي جعل أمل في خلال سنه تتحول من كونها باحثه في علوم السرطان في أقوى المراكز إلى فتاة مقيده في غرفه الطوارئ بعد محاوله انتحار....

نظر مازن إلى أمل وقال: وش اللي صار؟؟!!
قالت أمل: ما كان المفروض رجعت......بس أمي هي اللي طلبت مني أرجع.....ودفعت الثمن غالي.....وخسرت كل شي......
قال مازن: كيف؟؟
صمتت أمل للحظات وأخذت سيجارة من يد مازن ثم قالت: What the heck......راح أقولك وش حصل......بعد ما خلصت الثانوية سافرت لبريطانيا عشان أكمل البكالوريوس.....وتخرجت مع ال Honor.....بعدها قلت أقدم على وظيفة تفيدني كخبره.....أستاذي نصحني بمركزSanger للأبحاث وكتب لي توصيه وقدمت عليه وتوظفت......وبعد سنه جاني اتصال من أمي تقول لي أبوي تركها وتبني أرجع آقف معها بمشكلتها......أنا ما تحملت بكاه على التلفون فجيت على أول طيارة.....كنت عايشه لحالي ببريطانيا لأن أبوي أول ما وصلني هناك رجع للسعودية.....أنا ما كان عندي مانع لأن البلد كانت أمان وعادي عندهم البنت تسكن لحاله.....يعني ما تثار عليه صجه ولا أحد يتعرض له......وأبوي كان شخص ما يهتم لمثل ها الأمور لأنه سبق ودرس برا......أما أمي فكانت معترضة لأنه كانت متربية بالقرى ومن عائلة متشددة......وأنا ما كان عندي أخوان......لأني وحيده أمي وأبوي......أمي كانت تعاني من ضعف وما خلت عيادة ما زارته وبالأخير أخذها أبوي لألمانيا عشان تتعالج.....وفعلاً حملت بي ولكن الأطباء قالوا لها إنه إحتمال كبير إنها ما تحمل مره ثانية وهذا اللي حصل....أبوي ما كان من النوع اللي يحب الخلفه كثير عشان كذا ما كان عنده اعتراض.....بس أمي كانت متحطمة نفسياً وها الشي أثر عليها وخلا أبوي شوي شوي ينسحب من العيلة لين ما طفش بالأخير وتزوج من مضيفه طيران مغربيه تعرف عليها بأحد سفراته وراح معها.....كان متطمن إني راح آخذ بالي من نفسي....لأني كبرت وتخرجت وقاعدة أشتغل بأرقى الوظائف عشان كذا ما شال همي واعتقد انه كفى ووفى واجبه معي.....أما أمي فما كانت على قائمة اهتماماته......المهم يوم وصلت لمطار الرياض لقيت أمي وخالي الكبير عبد الله بانتظاري.....خالي هذا ما كان على علاقة جيده مع أبوي وكان ما يكلمني لأني أدرس برا......طبعاً خذوني من المطار إلى القرية سيدا......سألت أمي عن أبوي وقالت ما تعرف عنه شي ولا تبي تعرف.......حسيت إنها حاقدة علي وتلومن على اللي هي فيه......أنا سكتت وما قلت شي.....لكن بعدين شفت خالي يعاملني معامله بمنتهى النذالة......أنا قلت لأمي أنا لازم أرجع لوظيفتي فقالت خالك يقول ما فيه سفره.....قلت على الأقل أتوظف هنا.....وخالي طبعاً رفض ها الفكرة.....وخلاني حبيسة بين أربع جدران.....كنت راح أنجن وقتها.....فكرت أهرب بس وين؟؟ ووشلون؟؟ حينه جا ولد خالي الكبير حمود وقالي أنا أدبرك.....وللأسف صدقت انه متعاطف معي ووثقت فيه......



صمتت أمل للحظات في محاوله لضبط أعصابها.....وشعر مازن بأنه لابد وأنها تمر بوضع صعب وهي تتذكر ما حدث.....فتركها حتى تكمل براحتها ولم يقل شيئاً.....
مسحت أمل الدموع من عينيها وقالت: أخذني معاه وقال انه لقا أبوي وراح يوديني له.....ركبت معه السيارة ووداني لمكان بعيد بالبر وهناك......
بلعت أمل ريقها بصعوبة ثم قالت: أعتدى علي وترجاني ما أقول لأحد عن اللي صار.....رجعني للبيت وفعلاً ما قلت لأحد مو عشانه عشان نفسي.....خططت إني أذبحه وأخلص عليه بس الحيوان من بكرا سافر.....وقعدت أنا أتقلب بقهري.....تعرف وش معنى إن حياتك تنتهك بها الشكل؟؟!!.....تعرف وش معنى إحساس إنك تكون ضعيف ومغلوب على أمرك ولا حتى بيدك ترد الأذى عن نفسك؟؟!!
قال مازن: أعرف......

كان مازن يعرف تماماً شعور أمل......فمنذ عشرين سنه كان مجرد صبي في السادسة عائد من أول يوم في المدرسة عندما انتشله شخص غريب من الشارع وكان ذلك الشخص هو وليد......كان وقتها طفلاً عاجزاً لا يستطيع رد الأذى عن نفسه.....أما وليد فكان في الخامسة والعشرين من العمر......كبر مازن وكبرت الذكرى معه.....أصبح شخصاً منعزلاً عن الناس والحياة.....وجل اهتمامه هو أن لا يستضعفه أحد أبداً.....لذلك أصبحت القوة هوسه......وعندما رأى وليد في أحد العزائم الذي ساق مازن عمه إليها ثار الدم في عروقه......وأكثر ما كان يقهره هو أن وليد لم يتذكره.....فاستغل ذلك حتى يستدرجه حيث قتله وأحرق بجثته وانتقم لكرامته......
ولكن تلك كانت ذكرى قديمه ومع أنها أثرت فيه حتى الصميم.....إلا أنها مجرد ذكرى والتي يراها أمامه هي فتاة لازالت جروحها تنزف......

كانت أمل محطمة كلياً ومليئة بالحقد والغضب.....أرادت أن تصرخ.....أرادت أن تحرق كل شيء حتى نفسها.....لقد استفحل فيها الألم إلى حد لا يطاق......لم تخبر أحداً سوى مازن عما حدث لها.....لأنه الشخص الوحيد الذي أحست بأنها تستطيع الحديث معه.....كانت تعلم في قراره نفسها أن الانتحار ليس حلاً ولكن لم تجد خلاصاً لعذابها سوى الموت.....فأبوها قد ذهب وتخلى عنها من أجل أن يبني له حياة جديدة..... ووقعت تحت رحمه خالها الذي قطعها عن العالم بسبب خلافه مع أبيها فوجد الفرصة لينتقم منه خلالها.....كما أن أمها صفت بجانب أهلها وتركتها لوحدها في مهب الريح.....وماذا ستفعل لنفسها؟؟ لقد أخذ خالها جوازها وقطعه ومنعها من الخروج من المنزل ومن يستطيع منعه والقانون في صفه؟؟!! فقد أصبح هو وليها بعد ذهاب أبيها.....وضاعت هي تحت الأقدام....

وضع مازن يده على يد أمل وقال: لا تخافين ما راح أخلي أحد يتعرض لك....
شعرت أمل ولأول مره با الأمان منذ وطأت قدمها أرض المطار.....فلقد وجدت في مازن الرجل الذي لن يتوانى عن أي شيء في سبيل حمايتها.....

مازن بدوره لم يتوقف عن البحث عن والد أمل.....كان كل يوم يمر تقوى العلاقة بين مازن وأمل......فقد كانت أفكارهم متقاربة ولم يشعر مازن بأن هناك شخص يفهمه في الدنيا مثل أمل.....
وبعد مرور شهر توصل مازن إلى عنوان والد أمل المؤقت فقد كان يقطن في شقه مستأجره وسيسافر عما قريب إلى كزابلانكا حيث يقطن مع عائلته الجديدة فعاد مازن إلى الشقة ليخبر أمل.....
قالت أمل: مازن أنا خايفه.....
قال مازن: من ايش؟؟
قالت أمل: من رده فعل أبوي إذا درا إني كنت عايشه طول المده معك......
قال مازن: والله مشكلة.....
قالت أمل: أحسن حل إني أكلمه.....
اتصلت أمل على والدها وأخبرته بأنها قد وصلت قبل شهر من السفر وبحثت عنه في كل مكان إلى أن وجدته وأن إجازتها قد شارفت على الانتهاء وتريد أن تجدد جوازها.....
أخذها مازن إلى بيت أبيها حيث مكثت مع والدها بعض الوقت إلى أن أنهت إجراءات السفر....
أخبرت والدها بأن خالها من أحضرها ولعلمها بأن أبوها لا يتحدث مع خالها فقد اطمأنت بأنه لن يكلمه.....وفي يوم السفر قاد أبو أمل ابنته إلى المطار حيث ودعها وذهب.....جلست أمل في الصالة الدولية عندما دق جوالها لتسمع صوت مازن....
قالت أمل: مازن!!
قال مازن: هلا أمل.....إنتي بالمطار؟؟
قالت أمل: ايه......انتظر رحلتي....
قال مازن: باين من صوتك انك ما انتي مخططه ترجعين.....
قالت أمل: كلمت المركز وقالو وظيفتك موجودة والحمد لله حجزت لي شقه ورتبت كل أموري.....ولا يا مازن.....مالي رجعه لها المكان......
قال مازن: لا تقولين كذا.....لسى المكان فيه الحلو.....
قالت أمل: إذا تعني نفسك فممكن.....بس غيرك لا....
قال مازن: أوف أوف.....وين كان ها الكلام يوم كنتي عندي؟؟!!
ضحكت أمل ثم قالت: ما راح أنسى معروفك معي أبد......راح توحشني.....
قال مازن: وانتي بعد......
سمعت أمل الصوت قادماً من قريب فالتفتت لتجد مازن واقفاً خلفها......




النهــــــــاية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://a6yaf.hooxs.com
ميرا 123
نجم متفاعل
نجم متفاعل
ميرا 123


عدد المساهمات : 72

صفحات سوداء في حياة مراهق Empty
مُساهمةموضوع: رد: صفحات سوداء في حياة مراهق   صفحات سوداء في حياة مراهق Icon_minitimeالخميس مارس 04, 2010 9:02 pm

ويليي

مررة رووعة نآآيس

رواية مررة روعة مشكوورة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
آلــمبدعهـ :)
نجم متفاعل
نجم متفاعل
آلــمبدعهـ :)


عدد المساهمات : 86

صفحات سوداء في حياة مراهق Empty
مُساهمةموضوع: رد: صفحات سوداء في حياة مراهق   صفحات سوداء في حياة مراهق Icon_minitimeالجمعة يونيو 04, 2010 11:01 pm

وااااااااااااااااااو
الرواايه روعه روعه
بس لو لها تكمله بعد كان احسن
انسجمت معاها
بس الي خرب ع الروياه ان فيها كلام سعودي وكلام فصيحي مو حلو جذي

ع العموم تسلمين لي يا عتب العشاق ع الروااايه الحلوه
وتقبلي مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صفحات سوداء في حياة مراهق
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أطياف حائرة :: ساحة الادبيات و الفنون :: منتدى القصص و الحكايات-
انتقل الى: